‫الرئيسية‬ عازفو اوتار الشيخة فواغي القاسمي شاهدة الركام – بقلم: الشيخة فواغي القاسمي

شاهدة الركام – بقلم: الشيخة فواغي القاسمي

وخرجتُ من تحت الركامْ

والشيب أغرقَ قلبيَ المفجوع
شكّلَ فوق رأسي
…قشعريرةَ من بياض غباره
آه كبرت بلحظة
وكأنما عمرا من الأزمان مرّ بلحظة
..خطف الطفولة و الأمان
ومضى يعدّ جنائز الشهداء
يخطىء ثم يبدأ من جديد
فالموت حلّ بدارنا
…واليوم طاب له المقام
وخرجتُ من تحت الركامْ
وبحثتُ عنكَ أبي
بحثت عن أمي…وعن أخواتي
وبحثت عن كتبي
وعن ألعابي
فوجدت ساق أخي الصغير
بعض أجزاءٍ لأمي
وتطايرتْ مِزقٌ من الأوراق
تغرقها الدماء
ووجدت رأس الدمية التي
…اعتادت تنام إلى جواري في المساء
وخرجتُ من تحت الركام
فأبصرتْ عيني
حجارة بيتنا
…عذرا
حجارة
مايسمى بيتنا
ْفاليوم أصبح بعض أكوامِ الركام
وترقّبتْ أذناي صوتك يا أبي
يأتي كترتيل يعيد إلىَ بعضا من سكون…
لكنّ ذاك الصوت لم يأتي،،
لم يأتي…ولن
قد غصّ في أوتار حنجرة
وغادر آهة نحو السماء…
وانساب في أذني عواء خافت
كان احتضارا مؤلما
لهريرةٍ
قدحوصرت تحت الحديد
…ياااا لإيلام العواء
وخرجتُ من تحت الركام
والعين يملؤها التراب
والأذن يصخبها
صراخ الياسمين
مترددا في كل شبر
من تراب الشام
في درعا و في البيضاء
في الريف الدمشقي الجميل
…وفي القصير
…حلبٌ تئن من المجازر
،تئن داريّا 
  ،وتذبح حولةٌ 
فيردد البحر الأنين
وحَماة تشهد هولها تلك النواعير العتيقة 
…فتسرف في العويل
وتساقطت زهرات حمص
كلها كانت ورودا غضّةً
حمراء..تغرقها الدماءْ
وخرجتُ من تحت الركام
فلم أجد برَدَى و لم أجد الفراتْ…
ففرات هذا اليوم تملأه جثامين الضحايا الأبرياءْ
 وبقلبهِ القاشوش حنجرة ثمينة 
جُزّت لتُخرس إنما 
أبت السكوت…
…ماعدتَ أزرقَ يا فرات
ماعاد ذاك الأزرق الرقراق يغري عاشقيك
كلا..ولايغريهمو أيضا أخيك
لوعاد هذا اليوم شوقي عاشقا
ماذاعساه يقول في بَرَدَى
وغوطةدم -شقيق
يا أيها القدر المعاد المستدير
من يوم زفرة آدم
ودماء هابيل الضحية 
نزفها يسقي حجارة قاسيون
 فينبت بينها 
قابيل يقتِل من جديد
ماذاعسى الشعراء أن يتغزلوا
في الشام
في التفاح 
في بلودان
في البيت الدمشقي القديم
ومآذن الأموي يرتفع الأذان بها 
ويرتفع النحيب
فيروز..يافيروز 
ياصوتا تعتق في ربوع الشام
في تلك الزواريب العتيقة
فيروز يا برَدَى
ويانغما تراقص في الروابي .
علّق الأشجان في النجمات
في الليمون والدراق
ألبسنا الذهول 
ماذاتبقى من شآم الأمس يا فيروز!
لم يبق للصيف هذا اليوم
قيد أغنية 
تعيدينابها وتعيد فينا
شهقة الليل و نيسان الفصول
وخرجتُ من تحت الركام 
ولكن يا ترى
هل كان بيتي وحده ذاك الركام
أمأنه قد صار تعريفا بديلا للوطن
ذاك الذي ما عاد يصلح أن نسميهُ
الشآم…

فواغي القاسمي ٢٨/٥/٢٠١٣

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 + 16 =

‫شاهد أيضًا‬

حوار مع مدربة الحياة التونسيّة أ. ريم الخميري

الكوتش التونسية ريم خميري : الأمل أكسيجين الحياة معرفة الذات طريق للسعادة الحقيقية الإنسان…