علاقات الأخوة السعودية التونسية.. الربيع الدائم امس ،اليوم وغدا/ بقلم : لمياء البجاوي
لا يمكن ان نتصور أو نستحضر حديثا عن العلاقات التونسية السعودية الا بصيغة التواصل المستمر والامتداد عبر مختلف الفترات والحقب بدءا بالأمس وصولا الى اليوم واستشرافا للغد بحول الله.
فعلاقات الاشقاء والأخوة تمثل حجر زاوية في مختلف المجالات من سياسي واقتصادي وامني وثقافي ورياضي.. ومما لا يختلف فيه انسان فان المملكة العربية السعودية وتونس يعتزان ويفتخران بما يحققه كل منهما من تطور ونماء تعزيزا على ما بني تاريخيا من أواصل الأخوة وعلاقات مثمرة للتعاون بين قيادتي البلدين.
وترتقي العلاقات السعودية التونسية بأهميتها إلى مصاف العلاقات التاريخية المتجذرة، ذلك لما للمملكة وتونس من وزن وحجم تاريخي في العالمين العربي والإسلامي، حيث يحرص البلدان في كل لقاء يجمعهما على زيادة تفعيل آليات التعاون وتعزيز العلاقات تماشيًا مع النهج نحو إرساء علاقات طيبة بينهما.
ومنذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ أيده الله ـ مقاليد الحكم وهو يواصل ما سارت عليه المملكة من سعي لتعزيز أُطر التعاون في مختلف المجالات والوقوف الى جانب تونس والتونسيين بشكل خاص.
وللأمانة فان ما يسجله نسق الأحداث بأحرف ذهبية في العلاقات المشتركة السعودية التونسية زيارة خادم الحرمين الشريفين-حفظه الله- لتونس وتفاعله في السراء والضراء مع بلدنا ولا أدل على ذلك ما سجلناه من تفاعل ابان ما شهدته بلادنا في الفيضانات الأخيرة وكذلك عند حدوث مستجدات مرتبطة باحداث ارهابية وغيرها ..” وعند الشدائد تعرف الأخوان ” مما يقال .. وقد بادرت تونس بالمثل الى التفاعل مع مستجدات الأحداث والمناسبات دعما ومساندة وتبادلا للتهاني وتبادلا للزيارات الثنائية او على هامش القمم العربية والاسلامية.
وهنا نستحضر جملة بليغة معبّرة تؤكد على العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين حيث وصفها فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي بالتاريخية والمبنية على الاحترام المتبادل والتشاور المستمر حيث قال :”علاقات تونس مع المملكة السعودية يرجع تاريخها الى الملك عبد العزيز –رحمه الله- والزيارة التي قام بها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الى المملكة والتي كان لها تأثير بالغ في مستقبل تونس.
وكان خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – سباقًا في تهنئة ومواساة تونس في الكثير من المناسبات والأحداث، فقد حرص – رعاه الله – على بعث برقيات التهنئة في ذكرى أعياد البلاد وبرقيات التعزية والمواساة في بعض الأحداث كالفيضانات التي شهدتها عدة ولايات في الجمهورية التونسية وما نتج عنها من وفيات ومفقودين ، وفي الأحداث الإرهابية ، وفي وفاة بعض الشخصيات، كما أجرى ـ أيده الله ـ يوم التاسع من شهر رمضان المبارك لعام 1436هـ اتصالاً هاتفيًا بأخيه فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية، معربًا فيه عن إدانته وعزائه ومواساته في ضحايا الهجوم المسلح الذي وقع في مدينة سوسة الساحلية بتونس.
وفي شهر ذي الحجة من العام ذاته وامتدادًا لتبادل المشاعر بين البلدين تجاه كل منهما تسلم خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – رسالة خطية من فخامة الرئيس التونسي خلال استقباله لمعالي وزير الشؤون الدينية رئيس الوفد الرسمي للحجاج التونسيين عثمان بطيخ، وحوت الرسالة التهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، والتعازي والمواساة في حادث التدافع بمشعر منى وما نتج عنه من وَفَيَات وإصابات.
وشهد عام 1437 هـ لقاءً بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ رعاه الله ـ وفخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية، وذلك خلال الزيارة التي قام بها فخامته للرياض، والتي أشاد في تصريحات إعلامية سبقتها بالعلاقات الأخوية التي تربط البلدين الشقيقين ووصفها بالتاريخية والمبنية على الاحترام المتبادل والتشاور المستمر، وقال فخامته “علاقات تونس مع المملكة العربية السعودية يرجع تاريخها إلى الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ والزيارة التي قام بها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة إلى المملكة والتي كان لها تأثير بالغ في مستقبل تونس”.
وعلى صعيد العلاقات السياسية والعسكرية بين البلدين فقد التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- معالي المستشار الأول للأمن القومي لدى رئيس الجمهورية التونسية اللواء كمال العكروت، وذلك على هامش الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي عقد في العاصمة الرياض عام 1439هـ .
وتبعه في العام الحالي 1440هـ تنفيذ مناورات جوية مشتركة بين القوات الجوية الملكية السعودية وسلاح طيران الجيش التونسي، بهدف دعم أواصر التعاون والعلاقات بين القوات الجوية في البلدين وصقل وتأهيل الأطقم الجوية من طيارين وفنيين وتبادل الخبرات في مجال الإمداد والإسناد الفني، وتوج ختام هذا التمرين برعاية صاحب السمو الملكي الفريق الركن تركي بن بندر بن عبدالعزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية.
وبالعودة للجانب السياسي فلا تكاد اللقاءات الثنائية أن تنقطع بين البلدين الشقيقين من أجل التباحث في الأمور ذات الاهتمام المشترك بينهما والسعي لتطويرها وتعزيزها، ويرى ذلك جليًا في اللقاءات المتعددة التي تجمع معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير بنظيره معالي وزير الشؤون الخارجية بجمهورية تونس، سواء كان ذلك في الاجتماعات المشتركة التي تجمعهما أو في الزيارات المتبادلة ومنها زيارة معالي وزير الخارجية لتونس في العام 1437هـ.
وفي 27 نوفمبر 2018 م زار صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الجمهورية التونسية .
وكان في استقبال سمو ولي العهد في المطار الرئاسي في العاصمة تونس فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية وكبار المسؤولين في الحكومة التونسية.
وقد أقيمت مراسم استقبال رسمية لسمو ولي العهد، حيث عٌزِفَ السلام الملكي السعودي والنشيد الوطني التونسي، واستعرضا حرس الشرف.
كما كان في استقبال سمو ولي العهد في المطار الرئاسي أصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة التونسية.
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين المملكة وتونس في عهد خادم الحرمين الشريفين نموًا ملحوظًاً، وقد نوه سفير خادم الحرمين الشريفين لدى تونس محمد بن محمود العلي بالعلاقات الاقتصادية المتنوعة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية الشقيقة، مبرزاً التطور الملموس الذي تشهده التبادلات التجارية بين البلدين في ظل الرعاية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وفخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية، مؤكدًا أن استمرار انعقاد أعمال اللجنة السعودية التونسية المشتركة، يعد دليلًا قاطعًا على عزم قيادة البلدين الشقيقين للمضي قدماً نحو فتح آفاق جديدة من التعاون الاقتصادي تعتمد على تحقيق التوازن والتنمية بين الجانبين.
وفي 4 ذو القعدة 1438 هـ عقدت في تونس العاصمة أعمال المنتدى الاقتصادي السعودي التونسي على هامش أعمال الدورة التاسعة للجنة السعودية التونسية المشتركة، بمشاركة حوالي 60 رجل أعمال من المملكة وتونس وممثلين عن قطاعات اقتصادية مختلفة.
وقال معالي وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي في كلمته خلال افتتاح أعمال المنتدى: إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – يدعم كل الجهود لتعزيز الفرص الاستثمارية في تونس، منوهًا معاليه بالعلاقات التاريخية والعريقة بين المملكة وتونس، مشيرًا إلى أن تونس يمكن أن تكون بوابة مهمة لأفريقيا وأوروبا .
وتطرق معاليه في كلمته إلى مرحلة التطور والفرص الاستثمارية التي تعيشها المملكة في ظل رؤية 2030 ، لافتًا النظر إلى أن تونس سيكون لها نصيب من هذه الفرص، مشددًا على ضرورة إزالة كافة العراقيل من الجانبين ليكون لهذه الفرص نتائج واعدة اقتصاديًا.
ووقع البلدان خلال المنتدى على برنامج عمل مشترك يهدف إلى تقوية وتعزيز علاقة الشراكة بين الطرفين في مجال التجارة والاستثمار، وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي، وتبادل المعرفة والخبرات والمعلومات، إلى جانب التعاون في مجال التسويق للاستثمار والتعريف بمناخ وفرص الاستثمار في كلا البلدين.
يذكر أن حجم التجارة بين البلدين يقدّر بحوالي 1.1 مليار ريال سعودي، حيث تمثّل الصادرات الحصة الأكبر بقيمة 935 مليون ريال سعودي، ويأتي كل من “بولي إيثيلين عالي الكثافة ” و “بولي بروبلين” في مقدمة السلع المصدرة بقيمة تتجاوز 465 مليون ريال سعودي، في حين يتصدر “زيت زيتون بكر” و “فوسفات من كالسيوم” قيمة السلع المستوردة بقيمة تتجاوز 70 مليون ريال سعودي، ويبلغ إجمالي عدد المشروعات الممولة 19 مشروعاً برأس مال يتجاوز 40 مليون ريال سعودي، ينال القطاع الخدمي منها ما يتجاوز 75% من القيمة الإجمالية للتمويل.
وتأكيدًا لوقوف المملكة بجانب تونس في المجالات التنموية فقد أوضح معالي نائب الرئيس العضو المنتدب للصندوق السعودي للتنمية المهندس يوسف بن إبراهيم البسام خلال تمثيله للمملكة في منتدى الاستثمار “تونس 2020 ” المنعقد خلال العام 1439هـ، أن المملكة تدعم كل ما من شأنه أن يرسخ الاستقرار السياسي والاقتصادي التونسي، ومن ذلك المساهمة في تحفيز إنعاش النشاط الاقتصادي من خلال مساهمات مستمرة للصندوق السعودي للتنمية في تمويل المشاريع التنموية المختلفة في تونس منذ سبعينات القرن الماضي والتي تجاوزت مبالغها 3.375 ملايين ريال، معلناً في حينها عن دعم المملكة لتونس بمبلغ 3 مليارات ريال منها 375 مليون ريال منحة خصصت لإنشاء مستشفى شامل التخصصات في مدينة القيروان وترميم مسجد عقبة بن نافع والمدينة القديمة في القيروان، وباقي المبلغ وضع في هيئة قروض ميسرة لتمويل مشاريع تنموية في قطاعات مختلفة وتمويل الصادرات بين البلدين.
كما شهد نفس العام مصادقة مجلس نواب الشعب التونسي على اتفاقية قرض بقيمة 318 مليون ريال لاستكمال المرحلة الثانية من مشروع السكن الاجتماعي لفائدة محدودي الدخل.
وفي 13 ديسمبر 2018م .. بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – ودولة رئيس الحكومة بالجمهورية التونسية يوسف الشاهد، جرى في قصر العوجا بالدرعية توقيع اتفاقيتين ومذكرة تفاهم بين حكومة المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية.
فقد وقع من جانب المملكة معالي رئيس مجلس إدارة الصندوق السعودي للتنمية الأستاذ أحمد بن عقيل الخطيب، ومن الجانب التونسي معالي وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي الأستاذ زياد العذاري، اتفاقية قرض مشروع التنمية الفلاحية المندمجة في جومين وغزالة وسجنان ( المرحلة الثانية) بين الصندوق السعودي للتنمية والجمهورية التونسية، واتفاقية قرض مشروع تحسين التزود بالماء الصالح للشرب بالوسط الريفي بولاية بنزرت بين الصندوق السعودي للتنمية والجمهورية التونسية، ومذكرة تفاهم منحة المملكة العربية السعودية لمشروع صيانة جامع الملك عبدالعزيز في العاصمة تونس، بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية.
ودعا دولة رئيس حكومة جمهورية تونس الأستاذ يوسف الشاهد المستثمرين السعوديين لزيارة تونس للاستفادة من الفرص والمميزات الاستثمارية المحفزة في عدة قطاعات حيوية خاصة الصناعة والسياحة والفلاحة والطاقة المتجددة، مبديًا استعداد حكومته لتوفير كل ما من شأنه إنجاح الاستثمارات السعودية في تونس.
وقال خلال لقاءه بمقر مجلس الغرف السعودية بالرياض ، أصحاب الأعمال السعوديين :” إن المناخ الاستثماري مهيأ جدا في بلاده للمستثمرين السعوديين، وأن الحكومة التونسية تقدم تسهيلات كبيرة لتحفيز الشركات والمستثمرين الراغبين في الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة خصوصاً في مجال صناعة السيارات والطائرات وإنتاج الزيتون والفواكه، فضلاً عن موقع تونس المتميز، حيث تعد منصة تصديرية لأوروبا وأفريقيا”.
وأكد الشاهد أن جمهورية تونس والمملكة العربية السعودية ترتبطان بعلاقات أخوية طيبة على جميع المستويات، وأن هناك حاجة لبذل جهود أكبر على صعيد تطوير التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، معربًا عن أمله أن تسهم زيارته الحالية للمملكة في زيادة مجالات التعاون وفتح أفاق جديدة للشركات السعودية والتونسية لإقامة شراكات بناءة والعمل على تعزيز تعاونهما، منوهاً بالنجاحات الكبيرة التي حققها الاستثمار السعودي في بلاده.
وأعرب عن ثقته في قدرة اقتصاد بلاده في النهوض والنمو المضطرد خلال الفترة المقبلة، مستفيدا من فرص التنمية والتطوير القائمة حاليا من خلال عدة مشاريع في مجالات الطرق والكهرباء والمياه والطاقة المتجددة والتكنولوجديا، مؤكداً أن الحكومة التونسية ستأخذ بعين الاعتبار المشكلات التي تعترض أي مستثمر لا سيما ما يخص المستثمر السعودي.
من جهته، أكد وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد العذاري حرص حكومة تونس بأن يكون هناك تفاعل مع المستثمر السعودي، حيث أنها فاتحة ذراعيها للأشقاء السعوديين لاكتشاف الفرص في جميع المجالات وتدعيم الاستثمارات القائمة، داعيا لإقامة صندوق استثماري مشترك يوجه نحو القطاعات التنافسية مثل الصناعات الغذائية خاصة صناعة زيت الزيتون نظراً لأن إمكانيات النمو فيه كبيرة جداً، متناولاً الحوافز المشجعة التي تمنحها الحكومة التونسية للمستثمر التي تصل إلى 30% من قيمة الاستثمار، فضلاً عن التسهيلات الأخرى.
من جانبه، نوه نائب رئيس مجلس الغرف السعودية الدكتور عبدالله بن مرزوق العديم بالعلاقات الأخوية التي تربط المملكة وتونس وتجاوزت حدود المصالح المادية والمنافع الوقتية إلى آفاق أبعد وأشمل، حيث اتسمت بالنمو المضطرد في جميع المجالات، لافتاً إلى أن المملكة تعد من أوائل الدول العربية التي استثمرت في تونس.
وأعرب عن أمله في المزيد من التعزيز لهذه العلاقات، ودعم دور أصحاب الأعمال لتنميتها وتطويرها بصفة مستمرة بضخ الاستثمارات الجديدة، والتوسع في القائم منها في مختلف المجالات، وفتح آفاق جديدة لزيادة التجارة البينية التي لم تتعدى 266 مليون دولار في عام 2017م، منوهاً بأهمية اللقاء كونه يعزز العلاقات السعودية التونسية، ويعبر عن رغبة الجانبين للتلاقي ومواصلة الحوار لتحقيق المزيد من التعاون وتعزيز العلاقات الاقتصادية الوثيقة القائمة بين البلدين، متمنيًا أن يحقق اللقاء نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين المملكة وتونس.
وفي الجانب الثقافي وصف معالي وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين علاقات التعاون السعودية التونسية بأنها تجسدت ملامحها على أرض الواقع خلال السنوات الثلاث الأخيرة في ظل الرعاية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -رعاه الله – وأخيه فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية، وذلك من خلال مجموعة من الاتفاقيات والمشاريع التي بدأ تنفيذ البعض منها وما يزال البعض الآخر في طور التنفيذ، منوهًا بما شهدته المملكة خلال عهد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله – من تطور واكب النمو التقني المتسارع على جميع المستويات في العالم، مؤكداً أن التطور المتسارع والتغييرات الجذرية التي شهدتها المملكة انعكست على علاقاتها بالدول العربية والإسلامية ودول العالم ومنها تونس التي تعززت علاقتها مع المملكة لا سيما في مجال تبادل الخبرات والتجارب في جميع المجالات وخاصة الثقافي.
وتداوم المملكة في كل عام على المشاركة في معرض تونس الدولي للكتاب، ويحظى جناح المملكة بإقبال مميز من زوار المعرض الذين تطالعهم أركان الجناح بمئات العناوين من مختلف الإصدارات، فضلاً عن منحهم نسخًا مجانية من القرآن الكريم، حيث يقدم الركن الخاص بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف صورة جلية تترجم اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – بكتاب الله وحرصها على نشره في أرجاء المعمورة، مع التركيز على الرعاية والعناية اللتين توليهما حكومة المملكة لهذا الصرح الإسلامي وما وفرته وهيئته من إمكانات علمية وتقنية لتكون إصداراته من مصاحف وتسجيلات وترجمات وكتب علمية بالدقة والجودة وجمال الإخراج بما يناسب المقام الجليل لتلك الإصدارات.
ويجذب الركن الخاص بمصنع “حياكة كسوة الكعبة المشرفة ” المئات من زوار المعرض، الذين حرصوا على مشاهدة الكسوة أثناء حياكتها وتطريزها والاستماع إلى شرح موجز حول المراحل التي تمر بها حتى تصل إلى شكلها النهائي .
وشدد الزائرون على أن العناية الفائقة التي يوليها القائمون على خدمة بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة للكعبة المشرفة والأموال الطائلة التي تنفق في هذا المجال أكبر دليل على كرم أهل المملكة وحرصهم على القيام بالأمانة التي أوكلت إليهم على أحسن وجه.
وتحرص كل الجهات المشاركة في المعرض على تقديم صورة مشرقة عن الجهود الكبيرة للجهات التعليمية والثقافية والأدبية وما وصل إليه التطور الثقافي والفكري في المملكة، يصاحبها في ذلك صور الحرمين الشريفين التي تغطي المحيط الخارجي للجناح، مستعرضة جهود القيادة الرشيدة ـ أيدها الله ـ في بناء وتوسعة بيت الله الحرام في مكة المكرمة ومسجد نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة.
وتوج جناح المملكة مشاركته في عدة سنوات بزيارة فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية للجناح، وإهدائه نسخة من المصحف الشريف.
وتشارك رابطة رواد الحركة الكشفية في المملكة بالفعاليات المتنوعة التي تنظمها تونس ومنها الندوة الكبرى التي أقيمت في عام 1436هـ ضمن فعاليات لقاء الصداقة الثالث لرواد الحركة الكشفية، حيث قدم الدكتور راشد الغامدي من وفد المملكة ورقة عن رابطة الرواد بالمملكة تحدث فيها عن الرابطة منذ التأسيس لها عام 1419هـ، حيث تم إشهارها عام 1420هـ.
وفي عام 1436هـ أيضًا حقق نادي المسرح بجامعة الملك عبدالعزيز جائزة أفضل ممثل واعد في المهرجان المسرحي الجامعي في مدينة “المنستير” التونسية عبر مشاركة الجامعة بمسرحية “تعايش”، حيث توج الطالب عبدالله يحيى الهوساوي بالجائزة عن دوره في المسرحية.
ونظم مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في 28 جمادى الأولى 1438هـ في جزيرة جربة التونسية أعمال الدورة التدريبية بعنوان “وسائل التواصل الاجتماعي كمساحة للحوار” بمشاركة أربعين متدربًا من الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، وناشطين في مؤسسات من دول اتحاد المغرب العربي، بهدف تعزيز قدرات المشاركين في مجال دفع ودعم الحوار باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر ثقافة الحوار وترسيخ قيم التسامح.
وفي عام 1439 هـ ألقى معالي المستشار في الديوان الملكي إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، محاضرة بجامعة الزيتونة في تونس العاصمة تحت عنوان “التعايش وأهميته في وحدة الأمة”، أكد خلالها أن الحديث عن التعايش ليس وليد اليوم، وإنما ممتد من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، مشيرًا إلى أن حب الله لا يتأتي إلا بالتعايش، وأنه ليس للأمة سبيلًا إلا بالتعايش.
وتطرق فضيلته لأسباب التعايش، مشيرًا إلى أن الوجود المشترك بين الناس على اختلاف طبائعهم ومقاصدهم هو لا يعني الإلغاء إنما يعني الاعتراف بالآخر، مؤكدًا أن التعايش هو تنظيم لوسائل العيش بين الناس.
وتستحوذ الرياضة على جانب مهم من جوانب العلاقات بين المملكة وتونس ذلك أن التنافس الشريف بين البلدين حضر مرارًا في مناسبات متعددة ومنها كأس العالم وبطولات أخرى.
وخلال العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ وقعت المملكة وتونس على البرنامج التنفيذي المشترك في مجالي الشباب والرياضة بين البلدين لعامي 2016 – 2017م، ويشمل البرنامج تبادل الزيارات وتنظيم أسبوع الإخاء السعودي التونسي وبرامج رياضية مشتركة وزيارات المنتخبات لإقامة المعسكرات والمشاركة في الدورات الودية والرسمية، إضافة إلى الدورات التدريبية في مجال إعداد القادة والمدربين وتنفيذ برامج مشتركة في الطب الرياضي وتبادل الخبرات والاستشارات الفنية والهندسية في مجال المنشآت الرياضية.
وفي ربيع الأول من عام 1439 هـ قلد رئيس الاتحاد العربي للرياضة العسكرية رئيس الاتحاد السعودي لألعاب القوى العميد هادي بن بكر القحطاني وزير الدفاع التونسي وسام الاتحاد العربي من الدرجة الأولى، وذلك خلال اللقاء الذي عقد في مقر الوزارة بتونس العاصمة على هامش منافسات البطولة العربية العسكرية السادسة للتايكوندو التي استضافتها تونس بمشاركة (9) دول عربية.
وحققت المنتخبات السعودية على أرض تونس الخضراء العديد من المنجزات وكذلك حققت منتخبات تونس، ومن ذلك مثلا لا حصرًا ما شهده شهر شوال 1436 هـ حيث توج المنتخب السعودي للتنس تحت 13 سنة في فئة الفردي بكأس البطولة العربية، بعد فوز لاعب المنتخب سعود الحقباني على اللاعب المغربي عدنان يونس بشوطين مقابل شوط واحد.
لا تقف العلاقات بين أي بلدين دون تطوير وسعي للرقي والتعزيز، فكيف إذا كان البلدان هما المملكة العربية السعودية وجمهورية تونس اللذين تجمعهما روابط تاريخية دينية وعروبية ولغوية وغيرها، ويقف على تطويرها والسعي للرقي بها قامتا خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – وفخامة رئيس الجمهورية التونسية
حوار مع مدربة الحياة التونسيّة أ. ريم الخميري
الكوتش التونسية ريم خميري : الأمل أكسيجين الحياة معرفة الذات طريق للسعادة الحقيقية الإنسان…