زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى تونس…الآفاق والدلالات/ محمد العائش فجراوي
تحتضن تونس أواخر هذا الشهر الدورة الثلاثين العادية لقمة الملوك والرؤساء العرب وسط وضع دقيق وحساس تمر به الأمة العربية يتطلب جهودا وتوافقات وإرادة قوية واتخاذ قرارات جريئة وشجاعة تشمل الأمن القومي العربي ومعالجة قضايا الهجرة والتفاوت التنموي والتطرف والإرهاب والمخاطر المحدقة بالشعب العربي الفلسطيني، ومواصلة للمجهودات الجبارة والقرارات المرفوعة في القمة العادية التاسعة والعشرين بالظهران بالمملكة العربية والتي سميت بـ “قمة القدس” وما بذلته القيادة السعودية التي المترئسة لها، من مجهودات لحماية الشعب الفلسطيني من البطش الصهيوني والذوبان وتهويد المقدسات.
إن المنطقة العربية تشهد اليوم قوى جديدة ستلعب دورا هاما ورياديا بالمنطقة، وتتصدر المشهد المملكة العربية السعودية بفضل حجمها وثقلها الاقتصادي والعسكري ودبلوماسيتها المحنكة المحافظة على ثوابتها المرسومة منذ عهد المؤسس الأول عبد العزيز بن عبد الرحمان آل سعود مؤسس الدولة السعودية المعاصرة. فهي صمام الأمان في الشرق الأوسط ضد التطرف والتسلل الشيعي بالمنطقة وهي هي تدفع البلاء جنوبا وشرقا وشمالا وهي الآن القوى الكبرى عربيا وإسلاميا.
وما حضور خادم الشريفين قبل القمة في زيارة للجمهورية التونسية إلا رسالة ودليل على عمق الروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين للتشاور والتنسيق على مستوى القمة لما يحظى به البلدان من احترام وتقدير من كافة الأشقاء العرب. فالعلاقات التونسية السعودية قديمة قبل تأسيس الجمهورية الأولى.فلقد زار الزعيم الحبيب بورقيبة السعودية مرتين سنة 1948 و 1951 والتقى بأخيه الملك عبد العزيز إل سعود رحمهما الله ورسما أسس التفاهم والتعاون والاحترام والثقة بين الشعبين فكانت السعودية الداعمة القوية في الأمم المتحدة لنيل تونس استقلالها، وفي سنة 1966 زار الراحل الملك فيصل رحمه الله تونس لإبرام اتفاقيات تعاون في مجالات شتى تعود بالنفع على البلدين الشقيقين وتوجت بزيارة تاريخية ثانية للملك فيصل سنة 1973 زمن احتدام الصراع العربي الصهيوني وحرب العبور واستعمال النفط كسلاح حاسم للمعركة فكان لقاء الزعيمين العربيين بورقيبة وفيصل رحمهما الله دليلا ثابتا على عمق الروابط التاريخية بينهما والتنسيق الثنائي وتبادل وجهات النظر في قضايا البلدين والأمة العربية زمن الحرب.
إن زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز تأتي تتويجا لزيارة ولي عهده محمد بن سلمان في نوفمبر 2018 للوقوف على الاتفاقيات المبرمة بين البلدين في عديد المشاريع والتي من شأنها أن تدفع بالاقتصاد التونسي نحو الأفضل.
إن الأشقاء السعوديين يدركون جيدا أهمية التعاون والتقارب والتنسيق مع تونس.فاستقرار تونس وتعافي اقتصادها يرمي بظلاله مغاربيا ومتوسطيا وإفريقيا ويرسي الروابط المتينة بين مشرقنا ومغربنا العربيين وإني أستشعر نقلة جديدة ستمس عدة مجالات بتونس من شأنها أن تقلص من تفاقم البطالة ونسبة الفقر ومعدل الهجرة وتسهم خبراتنا العلمية وكفاءاتنا الطبية والتربوية في تقدم المسيرة السعودية.
إن التقاء عميد الملوك والرؤساء العرب بضيفه الكبير خادم الحرمين الشريفين والتنسيق بينهما وتبادل الرأي الراجح والمسؤول والرصين سينجح القمة بامتياز لما يحظيان به من ثقة واحترام من أشقائهما الملوك والرؤساء العرب.
فمرحبا بضيف تونس الكبير في بلده،بلد القيروان وعقبة والزيتونة،بلد التنوير والاعتدال والوسطية.
محمد العائش فجراوي
ناشط بالمجتمع المدني
حوار مع مدربة الحياة التونسيّة أ. ريم الخميري
الكوتش التونسية ريم خميري : الأمل أكسيجين الحياة معرفة الذات طريق للسعادة الحقيقية الإنسان…