‫الرئيسية‬ عازفو اوتار صانع اللذة والروح “بوجيرو” /بقلم: مها صالح

صانع اللذة والروح “بوجيرو” /بقلم: مها صالح

” بوجيرو” هو من أكثر الفنانين إبداعا في أعمال البورتريهات ،حتى أن لوحاته كانت تود لو أن تنطق بالحياة .

ma1

ولد الفنان الفرنسي العالمي “أدولف ويليام بوجيرو” عام 1825م في لاروش،كان والده يعمل تاجر نبيذ ثم بعد ذلك عملت عائلته في زيت الزيتون.

دخل كلية الفنون الجميلة  عام 1846م،وحصل على جائزة روما عام 1850م،والتي كانت نتيجة منحة لمدة أربع سنوات،واشتهر كثيرا عند عودته من ايطاليا .

وقد كان “بوجيرو” من أكثر الفنانين الذين عالجوا موضوعات هامة في الفن التشكيلي مثل:(الأسطورة،الدين،والبورتريهات الواقعية).

 

وفي عام 1876م انتخب “أدولف بوجيرو” لأكاديمية الفنون الجميلة ،وقد كان هذا أعلى تكريم لفناني فرنسا آنذاك،وحينها اشتهر خارج أوروبا وخصوصا في أمريكا.

ومن أهم لوحاته المشهورة (البراءة،والكاهنة الصغيرة).

كان لعم “بوجيرو” تأثيرا إيجابيا رائعا في حياته ومستقبله ،حيث عني بدراسته،فعلمه علوم الإنجيل ،واللاتينية واليونانية،و قصص العهد الحديث والأساطير الإغريقية،و دروس الرسم،وسافر إلى باريس وهو في سن الحادي والعشرون لتعلم الرسم على يد الفنان الكبير ” فرانسوا بيكوت” ،ثم التحق بعدها بالفنون الجميلة،وقد تعلم “بوجيرو” أساليب الفنانين الكلاسيكيين والذين كانوا حينها فناني عصر النهضة،وحين سافر إلى إيطاليا تعرف على تقليد اللوحات العالمية للفنانين العظماء.

وفي عام 1854م عاد إلى باريس وعرضت أعماله ،وزاد الطلب على بورتريهاته بكثرة.

قد تميز أيضا “بوجيرو” ببراعته في التصميم والديكور ،وقد حصل على جوائز تكريمية في التصميم،حتى أن “نابليون الثالث” قد طلب منه رسم لوحه له عام 1856م،وفي نفس العام تزوج من “ماري_ نيللي مونشان)،وأنجب منها خمسة أطفال(3 أولاد و بنتان).

وقد حصل على الميدالية الأولى في (الصالون) بباريس ، في نفس العام الذي ولدت فيه أولى بناته”هنرييت”،ولقب رسميا (الفارس) في عام 1859م-(( chevalier-knight ، وفي عام 1862م قلل “بوجيرو” من رسم اللوحات حتى قصرت على لوحتين فقط وكانت منهما (العائلة المقدسة)،والتي اشتراها منه الامبراطور كهدية لزوجته “إيوجين”.

وتميز أيضا في رسم الأسقف ،حتى أنه في عام 1865م طلب منه رسم سقف صالة عرض في مسرح “بوردوا، “grand theatre والي انتهى منه عام 1870م،وعين كعضو شرف في جمعية”الفنانين البلجيكية” ،وتقلد “بوجيرو” مناصب عدة،وعمل أيضا بالتدريس ،حتى أن من تلامذته الفنان “هنري ماتيس”.

وفي عام 1866م توفيت ابنته الثانية”جين”، والتي كانت طفلة صغيرة ،ومن هنا تخللت الأحزان إلى قلبه،وقام ببناء بيتا كبيرا وانتقل إليه هو وعائلته كلها عام 1868م ،وفي عام 1875 وفي ابنه “جورج” وهو في سن 16 عام ،وقد كانت صدمة قوية عليه جعلته ينهار تماما،لكنه ارتمى في أحضان لوحاته لينسى ،ورسم في هذا الوقت لوحتين فقط .

وفي عام 1877م توفيت زوجته “نيللي” من تأثير مضاعفات الحمل والولادة،وفي نهاية نفس العام أعرب “بوجيرو” عن رغبته في الزواج من الرسامة الأمريكية “إليزابيث جين جاردنر”،والتي كانت تلميذته و تعيش في فرنسا،لكن ابنته “هنرييت ووالدته المتسلطة عارضتا بشدة،واضطرته لوعدها بعدم الزواج إلا بعد وفاتها،وظلا في خطبتهما بالسر حتى توفيت والدته عام 1896م.

وعاش “أدولف بوجيرو” مع “إليزابيث”  طيلة حياته ،كانت بالفعل إنسانة رائعة بمعنى الكلمة،فقد كان لها الفضل الكبير في دخول الفتيات أكاديمية الفنون،وشجعت أيضا على افتتاح مدارس خاصة لتعليمهن الرسم في فرنسا.

وفي عام 1900م توفي ابنه “بول” بعد عناء شديد مع مرض السل ،ومن بعد ذلك كان يعود “بوجيرو” كل صيف على بلدته “لاروش”، يعمل في مرسمه حتى توفي عام 1905م.

لم يجد “أدولف بوجيرو” السعادة في حياته إلا في الرسم ومع لوحاته،وقد أحصي عدد لوحاته وكانت حوالي (827 لوحة) ،والتي كانت أغلبها بالأحجام الطبيعية للأشخاص ،وعلى الرغم من أن الانطباعيون قد هاجموا أسلوبه التقليدي ،واعتبروه متأخرا ولا يخدم الفن الفرنسي،وشهروا به في جميع المعارض،إلا أنه كان لديه ممن يحبوه ويعشقون فنه ،حتى أنه بعد وفاته أهملوا لوحاته ووضعوها في مستودعات، وفي الستينات عادت مكانته كما كانت وأتيح للناس والمتذوقون الاحتفاء بلوحاته وفنه العظيم،حتى أن أسعار لوحاته ارتفعت أربعة أضعاف ثمنها ،وعرض الكثير منها في المتاحف.

 

مقولة “أدولف ويليام بوجيرو”: “في الفن أنا مثالي ،لم أر سوى الجمال في الفن ،والفن لدي هو الجمال ،لماذا نقدم ما هو قبيح في الطبيعة،لا أعرف ما هي الضرورة لذلك.”

 

وأرى أن “بوجيرو” بالفعل هو صانع اللذة والروح والحيوية الطبيعية في الفن التشكيلي،ترى لوحاته وكأنها تود لو أن تصرخ وتقول :”أنا حية

..طبيعية “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة + خمسة =

‫شاهد أيضًا‬

حوار مع مدربة الحياة التونسيّة أ. ريم الخميري

الكوتش التونسية ريم خميري : الأمل أكسيجين الحياة معرفة الذات طريق للسعادة الحقيقية الإنسان…