مساحة حرة - نسمات الحرية - 31 أكتوبر، 2017

مغالطات جوتريس

من باب العدل والحيادية والإنصاف –التي هي ديدن الأمم المتحدة في ميثاقها- أن ترجع للتقارير والسجلات والإحصائيات التي بحوزة الحكومة اليمنية فهي الفاصل في هذا المُعترك، وعدم الانصياع أو الاكتفاء بالمعلومات المُضللة التي يقدمها الحوثي وصالح..
في عام 1919م أُنشئت عصبة الأمم عقب مؤتمر باريس للسلام أو ما عُرف بالتاريخ (معاهدة فرساي)، وهي أوّل منظمة أمن دولية تهدف إلى الحفاظ على الأمن والسلم العالميين، وأُعلِن عن زوالها في عام 1946م؛ نتيجة عجزها عن حل الأزمات الدولية وفرض هيبتها على جميع الدول دون استثناء.. وهناك شواهد وبراهين تُثبت عجزها وتخاذلها حيال العديد من القضايا والأزمات، ولعل أبرزها –حادثة موكدين 1931م– التي كان أطرافها اليابان والصين حينما تنازعا على الطريق التجاري الرئيسي بينهما، وانتهى الأمر بأن قصفت القوات الجوية والبحرية اليابانية مدينة شانغهاي الصينية، فلجأت الصين إلى عصبة الأمم بصفتها داعية للسلم والأمن العالميين.
وعلى الرغم من أن اليابان كانت عضوا دائماً في عصبة الأمم، فقد أعلن تقرير الأمم أن اليابان هي المعتدي، وطالب بعودة المناطق التي احتلتها اليابان إلى الصين.
ووفقًا لميثاق عصبة الأمم، كان ينبغي على العصبة أن تفرض عقوبات اقتصادية على اليابان، أو إعادة الأراضي التي وقعت تحت احتلالها عن طريق السِلم أو إعداد جيش وإعلان الحرب، إلا أنه لم يتم تنفيذ أي إجراء من هذه الإجراءات!
ويستنتج من ذلك أن عقوبات عصبة الأمم الاقتصادية أو العسكرية المفروضة على الدول الأعضاء غير فعّالة أو معطلة بشكل عام، وكأن فكرة إنشاء عصبة الأمم جاءت للحفاظ على سيطرة الأعضاء على مصالحهم ومستعمراتهم، لذلك عُدَّ عند العديد من المؤرخين والمُراقبين الدوليين أن عصبة الأمم لم تكن مُحايدة وتتبنى مبدأ تقديم مصالحها الذاتية وفق ما تشتهي، كما أن هناك شُبهات حول ما إن كانت العُصبة مُخترقة من الداخل بأجندة غير مشروعة أم لا!
وعلى أي حال؛ كانت فكرة إنشاء عصبة الأمم إيجابية في التاريخ الحديث والمعاصر، مقارنةً بالتاريخ الوسيط والقديم، فهي تعكس مظهراً من مظاهر الدبلوماسية في التاريخ السياسي؛ لذلك عندما أُزيلت العُصبة أُنشئت منظمة أخرى تحمل الأهداف ذاتها من ناحية حفظ الأمن والسلم العالمي، ألا وهي مُنظمة الأُمم المتحدة. ونتيجةً لما حصل من فشل ذريع في عصبة الأمم 1919-1946م من عدم حيادية ووضوح، كان لِزاماً على منظمة الأمم المتحدة أن تضع أميناً لها يكون محايدا بأكبر قدر ممكن.
إلا أن الواقع يعكس خلاف ذلك.. فعلى سبيل المثال؛ موقفها من قيادة التحالف باليمن عندما اعتمدت في مصادرها على منظمات المجتمع المدني التابعة لميليشيات الحوثي وصالح التي تعمد إلى تضليل الرأي العام الدولي، ثم إن الأمم المتحدة تعتمد في مصادرها على سجلات وزارة الصحة والمستشفيات المسيطر عليها الحوثي، وبالتالي سيكون التزوير والتلفيق في أعداد الجرحى والقتلى أمراً سهلاً.
والجدير بالذكر أن المناطق المُحررة يضعف بها تمثيل المنظمات الدولية؛ مما يجعلها عرضة للتضليل لاعتمادها على مصادر غير موثوقة ومن طرف واحد غير مُحايد، وإن وُجِدت منظمات دولية في صنعاء سيجعلها تحت وطأة إرهاب كل من صالح والحوثي، عن طريق التهديد لقبول احصائيات ومعلومات مزورة من سلطة الانقلاب وإلا سيتم وقف كل أعمالهم هناك!
لذا علّنا أن نتساءل: أين الأمم المتحدة من المعلومات الواردة لديها من الحكومة الشرعية التي تُشير إلى ضلوع ميليشيات الحوثي في تزوير شهادات الوفاة، حيث ثبت تورطهم في تزوير أكثر من 100 شهادة وفاة، وهذا دليل قاطع للطعن في صحة الأرقام المعلن عنها.
كما أن الحوثي عمد إلى تجنيد الأطفال -بشهادة تقارير الأمم المتحدة- والزج بهم في جبهات القتال؛ لإلقاء اللوم على قوات التحالف في مقتلهم ثم يزوّر سجلات وزارة ومراكز الصحة القابعة تحت سيطرة الانقلابين والتي يتم خلالها الإتيان بالأطفال الذين قتلوا في جبهات القتال تحت قصف التحالف، وتسجيلهم على أنهم قتلى من الأطفال المدنيين!
ثم إنه من باب العدل والحيادية والانصاف –التي هي ديدن الأمم المتحدة في ميثاقها- أن ترجع للتقارير والسجلات والإحصائيات التي بحوزة الحكومة اليمنية فهي الفاصل في هذا المُعترك، وعدم الانصياع أو الاكتفاء بالمعلومات المُضللة التي يقدمها الحوثي وصالح.
وعلى أي حال؛ في نهاية المطاف يجدر بنا تقديم عدة تساؤلات بغاية الأهمية لمن يهمه الأمر – الأمم المتحدة:
لماذا تتجاهلون (عمداً) التقارير التي تُبرهن جهود قيادة قوات التحالف لإغاثة الفئات الأكثر ضعفا في اليمن، وإعادة تأهيل الأطفال المجندين وعلى رأس القائمة البرامج التي أطلقها مركز الملك سلمان للإغاثة، والتي ساهمت في التخفيف من معاناة الأطفال في اليمن؟
لماذا هذا التحيُّز والتعاطُف الواضح لجانب الحوثي الذي يُعد من أخطر التنظيمات الإرهابية في المنطقة؟
وللقارئ عدة تساؤلات على غرار ما قُدّم أعلاه من حقائق وهي، هل الأمم باتت مُخترقة على حساب مصالح سياسية مثل نظيرتها “عصبة الأمم 1919م”؟
هل انعدمت الحيادية، العدالة، النزاهة، في المنظمات الدولية عموما؟
إن كان نعم، فلن تنعم منظمة الأمم المتحدة بالاختراق الإيراني؛ لأن ذلك سيكون إيذانا لها بنهاية غير مُشرِّفة كما انتهى وزال من قبلها “عصبة الأُمم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة + سبعة =

‫شاهد أيضًا‬

حوار مع مدربة الحياة التونسيّة أ. ريم الخميري

الكوتش التونسية ريم خميري : الأمل أكسيجين الحياة معرفة الذات طريق للسعادة الحقيقية الإنسان…