الأمم المتحدة لا تقيم وزناً لمظالم الشعوب
لم يعد يخفى على العالم الصورة الحقيقية للأمم المتحدة، ووهنها الذي أخلّ بالدور الإنساني، فمنذ تسلّم “جوتريس”؛ دور الأمين العام للأمم المتحدة، اتجه بها إلى مرحلة التخبط، ورسم لها دوراً انهزامياً أمام الأزمات التي يشهدها العالم، ومنها أزمة اليمن التي أظهرت حقيقة الأمر، والتي شكلت منعطفاً سلبياً لأداء الأمم المتحدة في اليمن من خلال تقارير مكذوبة ومصطنعة من أذرع الميليشيات وحزب الملالي في الأمم المتحدة. صورة الأمم المتحدة مرتبكة في اليمن؛ فلا هي نجحت في حماية مقرراتها، ولا تمكنت من إنفاذ القرارات الصادرة عنها بشأن اليمن؛ حيث كان مجلس الأمن قد أصدر 6 قرارات بشأن اليمن منذ عام 2011 م، وجميعها تنص على تطبيع الأوضاع وحماية العملية الانتقالية التي أفرزتها المبادرة الخليجية؛ بل ذهبت القرارات الصادرة تحت البند السابع إلى فرض عقوبات على المخلوع صالح ونجله وعلى قيادات في ميليشيات الحوثي. لقد أصدر مجلس الأمن منذ عام 2011 م، عديداً من القرارات بداية من 2204 وصولاً إلى القرار 2216 عام 2015م الذي عزّز من مصداقية وقانونية عمليات التحالف العربي ضد الانقلابيين وأغلبية هذه القرارات صدرت تحت الفصل السابع. مضامين هذه القرارات أدانت ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح والجيش الموالي له بتعريض أمن اليمن واستقراره للخطر وعرقلة العملية السياسية القائمة على المبادرة الخليجية وصولاً إلى إدانة الانقلاب والمطالبة بإنهائه وكل ما ترتب عليه خلال مدة لا تزيد على عشره أيام.
غير أن المشكلة جاءت ممّن ينتظر منه الحل، فالأمم المتحدة وقراراتها في اليمن والصور التي ظهر بها مبعوثوها اتسمت بالازدواجية واللعب بمصير ومستقبل الشعب اليمني؛ حيث كانت القرارات تنص على معاقبة وإدانة المعرقلين والانقلابيين؛ لكن الأمم المتحدة كان أداؤها في الميدان يميل لمصلحة الانقلابيين. النتيجة أنه بعد كل هذا الدمار والخراب وتجويع الشعب اليمني وإفراغ البنك المركزي من أموال الشعب ونهب سلاح الجيش من قِبل ميليشيا الانقلاب وتشكيل ذراع إيرانية في المنطقة تشكل خطراً على الأمن الإقليمي تعود الأمم المتحدة لتناقض نفسها وقراراتها ومقترحاتها في حوار جنيف وحوار الكويت وتطرح خطة تحوّل الانقلابيين إلى شرعية وتمنحهم مزايا ونفوذاً كبيراً وتطلب من الشرعية إقالة الرئيس الشرعي ونائبه ورئيس الحكومة. المفارقة أيضاً أن الخطة الأممية لم تكتفِ بمكافأة الانقلابيين؛ بل ناقضت قرار مجلس الأمن الذي يطالب الميليشيات الانقلابية بالانسحاب من العاصمة والمدن التي سيطرت عليها وإعادة السلاح الذي تمّت مصادرته؛ حيث تقول الخطة إن على الانقلابيين أن ينسحبوا من 3 محافظات، هي: صنعاء وتعز والحديدة، وبقية القضايا تضع الحكومة التي ستشكّل من الطرفين حلولاً لها.
عبث الأمم المتحدة باليمن استمر منذ عام 2011، ومنح المخرّبين مساحة كبيرة للتحرُّك دون عقوبات رادعة، وها هو هذا العبث يُتوج بفتح الباب أمام تسلُّط ميليشيا الانقلاب عبر منحها نفوذاً وحضوراً في الشأن العام، وتوفير غطاء شرعي لهذه العصابة لتكمل مشروعها التخريبي والعدواني في اليمن والمنطقة. من المخجل جداً ألا تتمكن الأمم المتحدة من تمرير مساعدات إنسانية في اليمن الذي جعل الهيئة الأممية أشبه بمنظمة إنسانية مهمتها فقط إصدار بيانات إدانة لجرائم بصيغة مكذوبة؛ حتى باتت تمارس الكذب والتدليل وتزييف الحقائق وتتلاعب بمصير الشعوب المنكوبة.
وإذا كانت الأمم المتحدة قد أُنشئت لتنظيم العلاقات الدولية وإعلاء قيم العدالة والحرية، فإن فقدانها القدرة على تطبيق ميثاقها وحماية البشرية من تسلط وتلاعب دول النفوذ بالقضايا ومصائر الأبرياء، أفقدها الحاجة إلى اللجوء إليها فلم تعد له جدوى في الوقت الراهن من منظور منطقي وعادل. يبقى السؤال: “كيف يمكن الاعتماد على منظمة أممية مخترقة من ميليشيات ومنظمات إرهابية لا تقيم وزناً لمظالم الشعوب وإرهاب الأنظمة الدكتاتورية.. فقط لارتباط هذه الأنظمة بعلاقات ومصالح”.
ولم يعد ضعف الأمم المتحدة وفشلها في احتواء وحل النزاعات هو وحده ما يمكن أخذه على أدائها؛ بل وصل الحال إلى أن تتناقض مقررات هذه الهيئة في القضية الواحدة، ويكون لها أكثر من موقف؛ بل قرار، كما هو الحاصل للوضع في اليمن، والشكل الانقلابي للميليشيات والمخلوع على شرعية رئيس وحكومة وصلت بدعم واسناد أممي؛ بل بتنظيم أممي طيلة 4 أعوام. تناقض الأمم المتحدة وتوجهاتها تجدَّد ومازال يظهر في الأزمة اليمنية بشكل أثار استغراب المتابع العادي، وليس فقط صُناع السياسة وخبراء القانون.
لقد تحوّلت الأمم المتحدة إلى معول لهدم تطلعات الشعب، والبرهان.. المواقف المتواصلة للأمم المتحدة من التحالف العربي المساند للشرعية في اليمن، على أن المنظمة العالمية المعنية بالسلام والأمن قد نصبت نفسها محامياً عن الميليشيات الانقلابية في اليمن ومدافعاً عن جرائمهم بحق ملايين الضحايا الأبرياء.
ولا مجال لتبرئة الأمم المتحدة ومنظماتها المتنوّعة من الانحياز التام لمصلحة الانقلابيين، واعتماد معلومات مضللة تستهدف التحالف العربي، وتحديداً المملكة العربية السعودية؛ بل إن الهدف الأساسي لهذا التجني على المملكة محاولة الضغط من أجل تمرير مشاريع ذات بُعد سياسي وليس إنسانياً، كما تدّعي هيئات الأمم
حوار مع مدربة الحياة التونسيّة أ. ريم الخميري
الكوتش التونسية ريم خميري : الأمل أكسيجين الحياة معرفة الذات طريق للسعادة الحقيقية الإنسان…