نحن وهم | بقلم : ريما ابراهيم حمود
في جيبي الذي لم تخرمه الليرات وضعت الخاتم بعد أن قبلت يد الوالدة حين منحتني إياه ﻷلبسه لها و أعلنها خطيبتي.
ارتديت الحذاء المتبقي لدي بعد مقتل محسن صاحب ورشة تصليح الأحذية … لمعته … حاولت أن أرى صورتي فيه فأطلت علي مشوهة.
شددت حزام بنطال الجينز، لبست قميصي الأزرق المعلق في الخزانة منذ ثلاث سنوات و خرجت.
الحبيبة في الطرف اﻵخر حيث هم النصف اﻵخر منا، و أنا هنا حيث النصف اﻷول منهم أو منا لا أدري لم أعد أميز في أي نصف ومع أيهما أنا.
على باب ما تبقى من بيتنا بعد قذيفة شرهة وقفت ﻷقسم أنني سأصل إليها
مر بي جاري الأقرب … رآني أتمتم فأدار وجهه للناحية الأخرى.
تجاوزت المتاريس، صافحت الكثير منهم ؛ وجوه كنت أعرفها ؛ وجوه جديدة تماما؛ و وجوه غاضبة لدرجة أنها لا تملك ملامحا معينة فتبدو عائمة في الأخضر و الأسود.
تسللت من خلال ما تبقى من الحارة إلى ما بعد المتراس الأخير لأجد نفسي في ساحة من خراب قديم؛ بقايا أبنية، براميل مشتعلة، و هدوء مريب.
مشيت واثقا باتجاه حارتها، كانت قدماي تفركان الحصى تحتهما كلما خطوت، الصوت الصادر منهما أثار في الهواء رائحة غريبة، شعرت بحركة ما حولي.
توقفت لأحدد مكاني، اكتشفت حينها أنني في وسط محيط مشوه، الخراب في كل مكان مددت يدي في جيبي أتحسس الخاتم فمرقت من جانب أذني رصاصة،
تكورت فوق ركبتي رسم الرصاص المجنون حولي دائرة أكثر من مرة … يضيق قطرها في كل مرة أكثر …حشرت رأسي بين ركبتي. .. سمعت أحدهم يشتمني:
يا مجنون ستقتل!-
رأيت يدا تلوح من وراء ردم سقف … ففوهة سلاح تنفجر برصاصة تخترق الصمت إلي … تطاير التراب علا غباره ..اختنقت … سمعت آخر في الجهة المقابلة يشتم أمي:
– يا ابن …. لن تعود حيا
من بين قدمي صرخت:
-لا أحمل إلا خاتما.
استدرت زاحفا فوق قفاي إلى الجهة الأخرى … صرخت:
سأعود.-
جاءني صوت:
. – لا يمكن
في المنتصف الذي ﻻ أعرف مع أي أطرافه أنا …علقت… هناك أمي … أبي …ما تبقى من حارتي … و في الجهة الأخرى هي وهم و من كنت أعرفهم
و الموت يصنع حولي قبة … يحيلني ضريحا يتنفس.
لا عودة ولا تقدم.
البحر ليس ورائي و العدو لا أعرف أينه بالضبط.
لذلك:
لذلك فقط :
قررت أنني العدو … و أن علي أن أموت بسرعة ليرتاح الخراب
و لذا … فعلت …و ظل الخاتم في جيبي.
حوار مع مدربة الحياة التونسيّة أ. ريم الخميري
الكوتش التونسية ريم خميري : الأمل أكسيجين الحياة معرفة الذات طريق للسعادة الحقيقية الإنسان…